.
أيام كنا صغارا
كنا إذا اضطجع المساء .. على رموش ليل انتحر فيه القمر
و دخلت محولات الكهرباء في غيبوبة
كنا
كنا نلتف في باحة الدار حول الكبار
و تبدأ خيالات و أطياف تسحر النفس بفعل حكايات الماضي
كنا نحلق في الخيال .. و ننكمش في أجسامنا الصغيرة
و لم لا ؟
سمعنا عن حكايات النداهة .. التي تتشكل بشكل الإنسان .. و لكنها ذات أرجل معيزية .. و ما أبرعه من يطعنها بالمسلة كي تتحول حمارا يستعبده طول الليل في أشق الأعمال.
.
سمعنا عن بنت البحر ( الجنية ) ذات العينين الطوليتين .. و التي تفح نارا حامية على من يقترب منها .. و كيف أنها كانت تخرج إلى شاطئ النهر تحت الشجرة في عز الظهر تفرد شعرها الطويل تمشطه بمشط صنع من حديد
.
سمعنا عن مغامرات مع الذئاب في حكايات تفزع القلوب .. و بعضها كان طريفا ينتزع منا الضحك رغما عن جو الرهبة الذي نعيشه
.
حكايات .. و حكايات
.
حكاية الغريق الذي كان في جوال ملئ بثمار الفلفل و الخيار .. جاء من بلدة بعيدة عن قريتنا .. فأخرجوا جثته .. و كانت لهم مقولة : ( البر البر .. يا طالب الدفن ) ..
حكاية الغريب الذي قصد قريتنا و استطاب له هواؤها .. فقرر الإقامة فيها .. عاش وحيدا .. لا .. لم يكن وحيدا .. فإنه كان متزوجا من جنية
و حكايات و حكايات
من أطرف الحكايات التي سمعتها صغيرا في هكذا ليالي
حكاية الجاسوسة الإسرائيلية
التهب خيالي بسماع تلك الحكاية ..
حكى الراوي أنه : كان ياما كان .. يا سعد يا إكرام .. و لا يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة و السلام
قامت المخابرات المصرية التعيسة .. أظنها كانت تعيسة في تلك الأيام بعد النكسة .. قامت بالقبض على جاسوسة إسرائيلية
ما حكايتها ؟
قال الراوي .. انتشرت شائعة شديدة بين الناس تحذر من أكل البطيخ ..
لماذا يا أهل الخير ؟
يقال أنه كانت هناك امرأة جميلة جدا تسيح بين مدن الإقليم .. تدور على باعة البطيخ .. تشتري البطيخ بمبلغ مجز .. ثم تحقنه بشئ غريب .. ثم تعيد البطيخ إلى البائع مرة أخرى .. ثم تمضي .. يشتري الناس البطيخ .. يأكلونه و يموتون
انتشرت الشائعة
و شحذ رجال المخابرات هممهم .. و راقبوا باعة البطيخ .. إلى أن رأوا تلك الحسناء .. الجاسوسة الإسرائيلية
قبضوا عليها
و كانت المفاجأة
أثناء تفتيشها .. وجدوا أنها تلبس تحت فستانها بدلة ضابط إسرائيلي
و بهذا عرفوا أنها إسرائيلية
و حكموا عليها بالإعدام
.
ما أقرب ما نسمعه اليوم عبر شاشات قنواتنا التليفزيونية التعيسه و ما حكاه لنا عواجيزنا
.
نسمع الآن عن أساطير كنتاكي .. و تغلغل حزب الله في الرئة المصرية .. و انتشار الجنيات الغربيات في مجتمعنا ..
نسمع عن وجود 2 مليون في التحرير ضد النظام .. ( لكن باقي الــ 85 مليون مع النظام )
ألم يخرج المصريون جميعهم .. جميعهم .. و حققوا انقلاب 1952 ؟؟ !!!
الأغبياء لم يسمعوا عن شئ اسمه النخبة و الرواد و القادة
..
يا طالع الشجرة
هات لي معاك بقرة
تحلب و تسقيني
بالمعلقة الصيني
..
ما زال في جيبي حكاية
سأرجئها للمرة القادمة
إن أمهلني القدر
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق